بقلم علي خيرالله شريف
ما إن أعلنت فصائل جبهة تحرير الشام سيطرتها على سوريا، ومغادرة الرئيس السابق بشار الأسد لبلده، حتى أعلن نتنياهو فتح الحرب على سوريا عبر القنيطرة والجولان، وكثف غاراته في كل الاتجاهات. العدو يعتبر أن الفرصة مؤاتية للولوج في تحقيق مآربه في إنشاء "إسرائيل الكبرى" بأسرع وقت. وهذا يتطلب منه احتلال المزيد من الأراضي المجاورة والقضاء على مقومات الحياة لشعوبها، تماماً كما فعل في غزة. وهذا الأمر متفق عليه منذ زمن بعيد بينه وبين الادارة الأميركية، جمهوريةً كانت أم ديمقراطية، ونطق به ترامب عندما قال أن خريطة إسرائيل ما زالت صغيرة(وبحاجة إلى توسعة).
الأمور في سوريا مرشحة للمزيد من التعقيد بسبب الأطماع المحيطة بها، فتركيا تطمع بضم حلب وأجزاء أخرى، وإسرائيل ضمت القنيطرة وقمة جبل الشيخ وأراضٍ أخرى وتطمع في زيادة توسعها. والمنظمة الكردية "قسد" تطمع في إقامة دويلة خاصة بها على طراز إقليم كردستان العراق(ويمكن إسكات أردوغان ببضعة مليارات). ونأمل أن لا تندار الفصائل السورية إلى التقاتل فيما بينها بدل الدفاع عن أرضها، بتحريض أميركي إسرائيلي، وهذا ما يزيد تفاقم الخراب.
التدمير الصهيوني لسوريا بلغ حداً لم يبلغه منذ العام ١٩٧٣، وهو متواصل بشكل كثيف وخطير. يدمر كل المنشآت الحيوية والعلمية والبحثية. يدمر كل ما يعود بالفائدة على الشعب السوري ولو بعد مئة عام.
باختصار إن سوريا تُدَمَّر بشكلٍ كامل من قبل إسرائيل، برعاية دولية وعربية. الثورة السورية التي تعيش نشوة النصر، ليست هي المنتصرة فعلياً، بل إسرائيل هي المنتصرة، وتعزز انتصارها بتنفيذ تدمير شامل في سوريا.
لبنان مُدرَج على نفس الأجندة، كما كل الدول العربية وإيران، ومُحَضَّر له نفس السيناريو، ويعمل العدو على متابعة حصار المقاومة اللبنانية في كل المجالات بهدف ضربها وسحب سلاحها. وإسرائيل تعتبر أن سقوط الحكم في سوريا، سيمكنها من إقفال المنافذ على المقاومة وقطع الإمداد عنها، ويعتبر ذلك تمهيداً لاستئناف العمليات العدوانية عليها، وطبعاً على المدن والقرى والمؤسسات اللبنانية على نمط ما تفعله في سوريا.
أكثر من ذلك ستتابع إسرائيل عمليات الاغتيال في لبنان وسوريا، ليس فقط للمسؤولين والمقاومين، بل أيضاً للطاقات العلمية والإنتاجية.
لنقلها بصراحة ودون مواربة إن ما يجري حالياً في المنطقة هو عملية اجتياح إرهابي أميركي، إن لم يتم التصدي له، سيؤدي إلى تغيير جذري في جغرافية المنطقة، وإلى حملة إبادة لشعوبها وإلى إقامة إسرائيل الكبرى. لا تقولوا أني متشائم ولكن الواقع يتكلم والسكوت يساعد العدو على استكمال مهمته بكل أريحية.
مساء الاثنين ٩ كانون الأول ٢٠٢٤